الشرور الطبيعية و الأخلاقية، فالمفروض
أنّ عالم العقل موجود، فالأمر في عالم الطبيعة دائر بين الإيجاد و عدمه، و حيث إنّ
الخير فيه غالب على الشر، فالحكمة تقتضي إيجاده، و أمّا فرض إيجاده عاريا عن كل
شرّ فهو فرض التناقض المحال قال الشيخ الرئيس:
لعلّك تقول: هلاّ أمكن أن يبرأ القسم
الثاني عن لحوق الشر؟
فيكون جوابك: أنّه لو برئ، عن ذلك لكان
شيئا غير هذا القسم، و كان القسم الأوّل، و قد فرغ عنه، و إنّما هذا القسم في أصل
وضعه ممّا ليس يمكن أن يكون الخير الكثير يتعلّق به إلاّ و هو بحيث يلحقه شرّ
بالضرورة عند المصادمات الحادثة، فإذا برئ عن هذا فقد جعل غير نفسه، فكأنّ النار
جعلت غير النار، و الماء غير الماء، و ترك وجود هذا القسم و هو على صفته المذكورة
غير لائق بالجود على ما بيّناه» . 1
السؤال العاشر:
إنّ للّه تعالى قدرة مطلقة، مع أنّ ما
ذكرتم يوجب تحديدها، إذ لازمه عدم قدرته سبحانه على إيجاد عالم الطبيعة بريئا عن
الشرّ مطلقا.
الجواب:
أنّ تعلّق قدرة الفاعل بأمر فرع كونه
ممكنا في ذاته، لأنّ الممتنع بالذات كاجتماع النقيضين لا يصحّ فيه فرض الوجود و
الإيجاد حتى يبحث عن قدرة الفاعل و الموجد و عدمها، فعلى سبيل المثال، كلّ من له
أدنى معرفة بعلم الرياضيات يقدر على استنتاج عدد (4 من ضرب عدد (2 في نفسها، أو
جمعها