كما أنّ للبدن في الصحة و الجمال أقساما
ثلاثة: ما في غاية الجمال و الصحّة، و ما في غاية المرض و القبح، و ما بينهما و هو
الغالب، كذلك للنفس في العلم و الخلق ثلاثة أقسام: من في كمال العلم و حسن الخلق،
و من في غاية الجهل و قبح الخلق، و من بينهما و هو الغالب.
فأحوال النفوس في الآخرة على ثلاثة
أقسام:
الأوّل: الكاملون في القوّتين البالغون
في تحصيل الكمالات الحكمية النظرية و اقتناء الملكات الكريمة العملية.
الثاني: المتوسّطون في تحصيل ذلك و هم
الأكثر و الأغلب على تفاوت مراتبهم في ذلك من القرب إلى الطرف الأشرف و البعد عنه
إلى الأرذل.
و الثالث: هم البالغون في الجهالات
البسيطة و المركّبة الممعنون في رداءة أخلاق، فهؤلاء أقل عددا من القسم الثاني
بكثير، و إذا نسبتهم إلى مجموع القسمين الأوّلين كانوا في غاية القلّة، فلأهل
الرحمة و السلامة غلبة وافرة. 1
السؤال التاسع:
لما ذا لم يخلق اللّه تعالى عالم
الطبيعة بحيث كان عاريا عن الشرّ مطلقا، و لم يجعله كعالم العقل خيرا محضا؟
الجواب:
أنّ لازم هذا الفرض كون الشيء غير نفسه،
إذ عالم الطبيعة، هو عالم المادّة و الاستعداد و تفاعل الأسباب و الآثار، و لازمه
وجود التزاحم و التضاد المؤدّي إلى
[1] راجع شرح الإشارات، ج 3، ص 325-328،
و الأسفار الأربعة، ج 7، ص 79-80.