فقد اتّضح أنّه تعالى إذا آلم حيا غير
مستحق للإيلام فإنّه لا بدّ من أن يعوّضه على ذلك أعواضا موفية على إيلامه بمنافع
أو بما يقوم مقامه من دفع المضارّ ليخرج إيلامه تعالى من أن يكون ظلما عليه، و لا
بدّ من أن يكون فيه مع ذلك العوض لطف للمكلّف ليخرج بحصول اللطف فيه من كونه عبثا.
و أمّا ما يفعله الظالم من الظلم بإيلام
غيره و إيصال المضارّ إليه، فلا بدّ من ثبوت العوض فيه أيضا بأن ينتصف اللّه تعالى
لمظلومه منه، و طريق ذلك هو أن يستوفي اللّه تعالى من الظالم ما يقابل إيلامه
لمظلومه من الأعواض التي يستحقها فيوصله إليه أو يمنّ تعالى على الظالم و يتفضّل
عليه بمثل ذلك و يعطيه المظلوم على ما تقدّم بيانه في البحث عن نتائج العدل و
الحكمة. 1
السؤال الثامن:
إنّ الحكماء قالوا إنّ الموجود الإمكاني
على قسمين، ما هو خير محض كالعقول المجرّدة، و ما هو ممزوج من الخير و الشر، لكن
خيره غالب على شرّه، كعالم الطبيعة و النفوس البشرية، و لكنّه غير تام لأنّ الغالب
في الناس الجهالة و الضلالة.
و ببيان آخر: أنّ قوى الإنسان التي
بحسبها تصدر الأفعال الإرادية عنه و يصير بسببها سعيدا أو شقيا ثلاثة: نطقية، و
غضبية، و شهوية، و الغالب على الناس بحسب القوة النطقية الجهل، و بحسب القوّة
الشهوية و الغضبية طاعة الشهوة و الغضب، و هي شرور لأنّها أسباب الشقاوة و العقاب،
فيكون الشر غالبا في نوع الإنسان.
[1] لاحظ الذخيرة للسيد المرتضى، ص
211-238، المنقذ من التقليد للحمصي الرازي، ج 1، ص 307 و 335.