و أمّا سقوط بعض الأفراد فإنّما هو
مقصود ثانيا و بالعرض ليس بالقصد الأوّلي.
و أمّا علمه تعالى بأنّ كثيرين من أفراد
الإنسان يكونون كفارا مصيرهم إلى النار لا يوجب أن يختل مراده من خلقة النوع
الإنساني، و لا أنّه يوجب أن يكون خلقة النوع الإنساني الذي سيكون كافرا علّة
تامّة لكفره أو لصيرورته إلى النار، كيف؟ و علّة كفره التامّة بعد وجوده علل و
عوامل خارجية كثيرة جدا، و آخرها اختياره الذي لا يدع الفعل ينتسب إلاّ إليه،
فالعلّة التي أوجدت وجوده لم توجد إلاّ جزء من أجزاء علّة كفره، و أمّا تعلّق
القضاء الإلهي بكفره فإنّما تعلّق به عن طريق الاختيار لا بأن يبطل اختياره و
إرادته و يضطر إلى قبول الكفر كسقوط الحجر المرمي إلى فوق نحو الأرض بعامل الثقل
اضطرارا. 1
السؤال السابع:
مقتضى العدل في الجزاء أن لا يؤاخذ أحد
بما فعله غيره من الآثام، مع أنّ الأمر في النظام الجاري في هذا العالم ليس كذلك،
فهناك من الذنوب أو الخطيئات و الغفلات في مسائل الحياة كالأكل و الشرب و النظافة
و غيرها ممّا يرتكبها الآباء و يؤدي إلى اختلالات في حياة أولادهم بل و يستفاد من
الوحي الإلهي أنّ من الذنوب ما يعقبها آثار مهلكة في حياة النوع و يبتلى بها
المذنب و البريء، على حدّ سواء، قال سبحانه: وَ اِتَّقُوا فِتْنَةً لاٰ
تُصِيبَنَّ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (الأنفال/25 و من هذا القبيل
الحدود الشرعية التي يتألّم بها غير المستحق لها من أقربائه و أحبّائه، و كذلك
الأوجاع و الأسقام، إلى غير ذلك من المصائب التي يتألّم بها غير مستحقها.