و إعطاء صورة الشقاء اللازم الذي أثره
العذاب الدائم للإنسان المستعد له باستعداده الشديد لا ينافي الرحمة العامة بل هو
منها، و أمّا الرحمة الخاصة فلا معنى لشمولها لمن هو خارج عن صراطها.
فقول القائل: إنّ العذاب الدائم ينافي
الرحمة إن أراد به الرحمة العامّة فليس كذلك، بل هو من الرحمة العامة، و إن أراد
به الرحمة الخاصة فليس كذلك لكونه ليس موردا لها. 1
السؤال السادس:
ما هي الحكمة في خلق الكافر مع أنّه
تعالى كان عالما أنّ الكافر لا يستوجب عند خلقه إلاّ النار؟
الجواب:
أنّ الحكمة بمعنى غاية الفاعل و الفائدة
العائدة إليه غير موجودة في حقّه تعالى، لأنّه غنيّ بذاته، لا يفتقر إلى شيء ممّا
سواه حتى يتم أو يكمل به، و أمّا الحكمة بمعنى الغاية الكمالية التي ينتهي إليها
الفعل و تحرز فائدته، فهو أن يخلق من المادة الأرضية الخسيسة تركيب خاص ينتهي
بسلوكه في مسلك الكمال إلى جوهر علوي شريف كريم يفوق بكمال وجوده كلّ موجود سواه،
و يتقرب إلى ربّه تقربا كماليا لا يناله شيء غيره، فهذه غاية نوعية إنسانية.
غير أنّ من المعلوم أنّ مركبا أرضيا
مؤلّفا من الأضداد واقعا في عالم التزاحم و التنافي محفوفا بعلل و أسباب موافقة و
مخالفة لا ينجو منها بكلّه، و لا يخلص من