و حاصل المعنى أنّ كلا من الفريقين تحت
التربية الإلهية يفيض عليهم من عطائه من غير فرق، غير أنّ أحدهما يستعمل النعمة
الإلهية لابتغاء الآخرة فيشكر اللّه سعيه، و الآخر يستعملها لابتغاء العاجلة و
ينسى الآخرة فلا يبقى له فيها إلاّ الشقاء و الخيبة. 1
السؤال الخامس:
إنّ اللّه سبحانه ذو رحمة واسعة غير متناهية
فكيف يسع رحمته أن يخلق من مصيره إلى عذاب خالد؟
الجواب:
أنّ الرحمة فيه تعالى ليس بمعنى رقّة
القلب و الإشفاق و التأثّر الباطني فإنّها تستلزم المادّة-تعالى عن ذلك-بل معناها
العطية و الإفاضة لما يناسب الاستعداد التام الحاصل في القابل، فإنّ المستعد
بالاستعداد التام الشديد يحب ما يستعد له و يطلبه، و يسأله بلسان استعداده، فيفاض
عليه ما يطلبه و يسأله.
و الرحمة رحمتان: رحمة عامة، و هي إعطاء
ما يستعدّ له الشيء و يشتاقه في صراط الوجود و الكينونة، و رحمة خاصّة، و هي إعطاء
ما يستعد له في صراط الهداية