بالمشاكل و المصائب فيدفعان إلى المجتمع
أولادا أرسخ من الجبال في مهب العواصف. و إلى هذا يشير إلى الإمام علي عليه
السّلام بقوله:
«ألا و إنّ الشجرة البريّة أصلب عودا و
الرواتع الخضرة أرقّ جلودا، و النابتات العذية أقوى وقودا و أبطأ خمودا» . 1
و إلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى:
فَإِنَّ مَعَ اَلْعُسْرِ يُسْراً^ إِنَّ مَعَ اَلْعُسْرِ يُسْراً^ فَإِذٰا
فَرَغْتَ فَانْصَبْ^ وَ إِلىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ (الانشراح/5-8 فالظاهر من
السياق أنّ هذا تعليل لما تقدم من وضع الوزر و رفع الذكر، فما حمّله اللّه من الرسالة
و أمر به من الدعوة-و ذلك أثقل ما يمكن للبشر أن يحمله-كان قد اشتد عليه الأمر
بذلك، و كذا تكذيب قومه دعوته و استخفافهم به و إصرارهم على إمحاء ذكره، كان قد
اشتدّ عليه، فوضع اللّه وزره الذي حمّله بتوفيق الناس لإجابة دعوته و رفع ذكره
الذي كانوا يريدون إمحاءه و كان ذلك جريا على سنّته تعالى في الكون من الإتيان
باليسر بعد العسر، فعلّل رفع الشدّة عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما أشار
إليه من سنّته» . 2
2. إنّ التمتّع بالمواهب المادية و
الاستغراق في اللذائذ الدنيوية يوجب غفلة الإنسان عن القيم الأخلاقية و الكمالات
المعنوية، هذه حقيقة يلمسها كلّ إنسان في حياة نفسه و غيره، و يشهد عليها تاريخ
الإنسان، كما صرّح بها الوحي الإلهي، قال سبحانه: كَلاّٰ إِنَّ اَلْإِنْسٰانَ
لَيَطْغىٰ^ أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنىٰ (العلق/6-7 .
فإذا لا بدّ لانتباه الإنسان من هذه
الغفلة من هزّة و جرس إنذار يذكّره و يرجعه إلى الطريق الوسطى، و ليس هناك ما هو
أنفع في هذا المجال من المصائب التي تقطع الحياة الناعمة بشيء من المزعجات حتى
يدرك عجزه و يتنبّه من نوم الغفلة، و لأجل هذا يعلّل القرآن الكريم بعض النوازل و
المصائب بأنّها تنزل لأجل الذكرى و الرجوع إلى اللّه، يقول سبحانه: