و ضاق المكان حتى لا يمكنهم التنفس فضلا
عن الحركة و الأكل و الشرب فالمفروض أنّه حيّ عند ذلك أسوأ حالا من الميت، و أمّا
الخير الواصل إليه فخلاصه عن هذا الوجود الدنيوي المعرض للآفات و المحن، و مآله
إلى الرحمة» . 1
السؤال الثالث:
ورد في القرآن الكريم أنّ اللّه سبحانه:
خلق الأرض و ما فيها للإنسان و انتفاعه بها، مع أنّ الحوادث المؤلمة و المهلكة
تناقض هذا الغرض، فكيف يتلاءم هذا مع الحكمة الإلهية؟
الجواب:
أنّ عدّ المصائب الكونية منافيا لحكمة
الباري سبحانه ناشئ عن جهل الإنسان و غفلته عن واقعية الكون و نظام الخلقة و القيم
الإنسانية العليا، فهناك فوائد و آثار بنّاءة للمصائب و المصائب الكونية للإنسان
في وصوله إلى معارج الرقي و الكمال نشير إلى بعضها:
1. إنّ البلايا و المصائب خير وسيلة
لتفجير الطاقات و تقدّم العلوم ورقي الحياة البشرية، فإنّ الإنسان إذا لم يواجه
المشاكل في حياته لا تنفتح طاقاته و لا تنموا، بل نموّها و خروجها من القوّة إلى
الفعل رهن وقوع الإنسان في مهبّ المصائب و الشدائد.
و لأجل هذا، نرى أنّ الوالدين اللّذين
يعمدان إلى إبعاد أولادهما عن الصعوبات و الشدائد لا يدفعان إلى المجتمع إلاّ
أطفالا يهتزّون لكلّ ريح كالنبتة الغضّة أمام كل نسيم، و أمّا اللّذان ينشئان
أولادهما في أجواء الحياة المحفوفة