إذا كانت الحكمة الإلهية مقتضية لحياة
الإنسان في هذا العالم، إذن لما ذا بعد ذلك يميته و ينهي حياته؟
الجواب:
أوّلا: إذا افترضنا استمرارية الحياة
للبشر جميعا فسوف لن يمضي زمان طويل إلاّ و نرى الأرض كلّها قد امتلأت بالناس، و
تضيق عليهم الأرض بما رحبت، و يختل بذلك نظام المعيشة للبشر، و ليتمنى كلّ واحد
منهم الموت لما يشعر به من متاعب و آلام، و قد روي عن الإمام الصادق عليه السّلام
أنّ قوما أتوا نبيّا فقالوا: ادع لنا ربّك يرفع عنّا الموت، فدعا لهم، فرفع اللّه
تبارك و تعالى عنهم الموت، و كثروا حتى ضاقت بهم المنازل و كثر النسل، و كان الرجل
يصبح فيحتاج أن يطعم أباه و أمّه و جدّه و جدّ جدّه و يرضيهم و يتعاهدهم فشغلوا عن
طلب المعاش. فأتوه فقالوا: سل ربّك أن يردّنا إلى آجالنا التي كنّا عليها، فسأل
ربّه عزّ و جلّ فردّهم إلى آجالهم. 1
و ثانيا: أنّ الهدف الأصلي من خلق
الإنسان، هو الوصول إلى السعادة الأبدية، و إذا لم ينتقل الناس من هذا العالم
بالموت إلى الحياة الأخرى، فسوف لن يمكنهم الوصول لذلك الهدف النهائي.
يقول صدر المتألّهين: «و من تأمّل في
أمر الموت الذي يعدّه الجمهور من أقوى أنحاء الشرور لعلم أنّ فيه خيرا كثيرا-لا
نسبة لشرّيته إليه-يصل إلى الميت و إلى غيره، أمّا الواصل إلى غيره فإنّه لو ارتفع
الموت لاشتدّ الأمر على الناس
[1] التوحيد للصدوق، ص 401، الباب 62،
الحديث 4، دار المعرفة، و الكافي:3/260.