و هذا منهج آخر سلكه القرآن في الاحتجاج
على منكري البعث، و إثبات حقيقة المعاد، يقول سبحانه: أَمْ نَجْعَلُ اَلَّذِينَ
آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي اَلْأَرْضِ
أَمْ نَجْعَلُ اَلْمُتَّقِينَ كَالْفُجّٰارِ (ص/28 ، و يقول: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ
عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّٰاتِ اَلنَّعِيمِ^ أَ فَنَجْعَلُ اَلْمُسْلِمِينَ
كَالْمُجْرِمِينَ^ مٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (القلم/34-36 .
و هاهنا جهة ثالثة تقتضي وجوب البعث و
هي أنّه سبحانه وعد الصالحين من عباده بالجنّة و نعيمها على لسان الرسل و الأنبياء
و في آيات الكتب السماوية، و الوفاء بالوعد واجب عند العقل كما ينصّ الشرع على
أنّه ليس في صفحة الوجود من هو أوفى من اللّه سبحانه، فمقتضى الوفاء بالوعد وجوب
البعث و المعاد.
و نجد هذا المنهج أيضا في القرآن الكريم
فيما يتعلّق بيوم القيامة يقول سبحانه-فيما يحكي مقالة الراسخين في العلم-:
رَبَّنٰا إِنَّكَ جٰامِعُ اَلنّٰاسِ لِيَوْمٍ لاٰ رَيْبَ
فِيهِ إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُخْلِفُ اَلْمِيعٰادَ (آل عمران/9 .
و إلى الطريقين الأوّل و الثالث أشار
المحقّق الطوسي بقوله: «و وجوب إيفاء الوعد و الحكمة يقتضي وجوب البعث» . 1