فإن أعيد القول بأنّه إذا قامت اللذّة
مقام الألم في اللطف و المصلحة، أو قام ما ليس بألم و لذّة مقامه في ذلك كان الألم
عبثا.
كان الجواب عنه ما سبق، من أنّ الفعل لا
يصير عبثا بأن يقوم غيره مقامه في الغرض المقصود منه على ما بيّناه، و إنّما تلزم
عبثية الألم لو أمكن استصلاح المكلف و تحصيل لطفه من غير الألم و ما يقوم مقامه، و
حينئذ يقبح استصلاحه بأيّ فعل كان، ألما كان أو غير ألم لكونه عبثا» . 1
9. الإنسان فاعل مختار
من نتائج قاعدة العدل و الحكمة، ثبوت
الاختيار للإنسان في أفعاله التي تقع في مدار التكليف و يمدح عليها أو يذم، و يثاب
عليها أو يعاقب. و ذلك لقبح تكليف من هو مجبور في الفعل أو الترك، و مؤاخذته عليه،
يقول الإمام علي عليه السّلام-في إبطال مزعمة أنّ القضاء و القدر يجعلان الإنسان
مجبورا في أفعاله-: «لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب و الأمر و النهي و الزجر، و
لسقط معنى الوعد و الوعيد، و لم يكن على مسيء لائمة و لا لمحسن محمدة» . 2
و قال الإمام الصادق عليه السّلام:
«اللّه أعدل من أن يجبر عبدا على فعل ثمّ يعذّبه عليه» . 3
و سأل الحسن بن علي الوشاء الإمام الرضا
عليه السّلام: هل اللّه أجبر العباد على المعاصي؟ فقال عليه السّلام: «اللّه أعدل
و أحكم من ذلك» . 4
هذه الروايات-و أشباهها-كما ترى تنص على
أنّ الجبر ينافي عدله تعالى