اتّفقت العدلية على وجوب اللطف على
اللّه سبحانه بمقتضى حكمته تعالى، و اللطف فعل من اللّه سبحانه من شأنه أن يقرّب
المكلّف إلى الطاعة و يبعده عن المعصية و لا يصل إلى حدّ الإلجاء، و إذ يكون
متفرّعا على التكليف فليس له دور في أصل التكليف، فلا تكون القدرة من اللطف.
و استدلّوا عليه بأنّ تركه ينافي الغرض
من التكليف لأنّه سبحانه يعلم بأنّ المكلّف لا يقوم بالتكليف و لا يكون أقرب إلى
الطاعة إلاّ بفعل اللطف، فلو لم يفعله لكان ناقضا لغرض التكليف و هو مستحيل على
اللّه سبحانه، و إليه أشار المحقّق الطوسي بقوله: «و اللطف واجب ليحصل الغرض» . 1
و بما أنّ اللطف من القواعد الكلامية
التي تدور عليها عدّة من المسائل الاعتقادية نضع للبحث عنه فصلا مشبعا و نجعله
قاعدة مستقلّة إن شاء اللّه تعالى، فلنكتف هنا بهذا القدر من البحث.
7. وجوب الانتصاف
الانتصاف هو الانتقام على سبيل النصفة،
يقال: انتصف منه، أخذ حقّه منه كاملا حتى صار و إيّاه على النصف، و انتقم منه لطلب
العدل» 2و المقصود منه في اصطلاح المتكلّمين هو انتقامه تعالى من الظالمين
لتعدّيهم على المظلومين، إذ هو تعالى مكّن الظالم و مهّله في الدنيا قضاء لسنّة
الابتلاء و الاختيار التي تقتضيها حكمته، فضاع حقّ المظلوم، فيجب عليه استيفاؤه
قضاء لعدله، و إليك
[1] كشف المراد، المقصد الثالث، الفصل
الثالث، المسألة 12.