و قال العلاّمة الحلّي: «و الحكمة تدعو
إلى نصبه (أي النبيّ) بل هي واجبة، لأنّ الاجتماع مظنّة التنازع، و إنّما يزول
مفسدته بشريعة مستفادة من اللّه تعالى، دون غيره، لعدم الأولويّة، و تلك الشريعة
لا بدّ لها من رسول متميّز عن بني نوعه بالمعجزة الظاهرة على يده» . 2
5. لزوم عصمة الأنبياء
عصمة الأنبياء عليهم السّلام عن الكذب
في إبلاغ الرسالة ممّا اتّفقت عليها كلمة الفرق و المذاهب، كاتّفاق كلمتهم في
عصمتهم من الكفر، و أمّا سائر الذنوب فقد اختلفوا فيها من حيث العمد و السهو، و من
حيث الكبيرة و الصغيرة، و قبل البعثة و بعدها على أقوال لسنا هنا بصدد البحث عنها،
و الذي نتوخّاه هنا هو أنّ العدلية فرّعوا وجوب عصمة الأنبياء على قاعدة الحكمة و
أنّهم لو لم يكونوا معصومين لاختلّ الغرض من بعثتهم أعني إبلاغ رسالات اللّه تعالى
إلى الناس و هدايتهم إلى الصراط المستقيم، قال المحقّق الطوسي: «و يجب في النبيّ
العصمة ليحصل الوثوق فيحصل الغرض» . 3
و قال المحقّق البحراني: «إنّ غرض
الحكيم من البعثة هداية الخلق إلى مصالحهم و حثّهم بالبشارة و النذارة و إقامة
الحجّة عليهم بذلك لقوله تعالى:
رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ
لِئَلاّٰ يَكُونَ لِلنّٰاسِ عَلَى اَللّٰهِ حُجَّةٌ بَعْدَ
اَلرُّسُلِ (النساء/165 ، فلو لم يجب في حكمته عصمة النبيّ لناقض غرضه من بعثه و
إرساله، لكن اللازم باطل فالملزوم مثله، فعصمة النبيّ واجبة في الحكمة» . 4