و منشأ الاشتباه هو الخلط بين غاية
الفعل و غاية الفاعل، فالمنفي عنه تعالى هو الثاني، فليست فاعليته لداع زائد على
ذاته، و الثابت له هو الأوّل، فليس فعله خاليا عن الغاية و الغرض، و هذا ما يقتضيه
الجمع بين أصلين عقليّين و شرعيّين، هما: غناؤه سبحانه عن جميع ما سواه، و تنزّهه
عن العبث قال سبحانه:
إنّ المحقّق التفتازاني اختار قولا وسطا
بين العدلية و الأشاعرة و هو تعليل بعض أفعاله بالغاية دون الجميع، حيث قال: «و
الحقّ أنّ تعليل بعض الأفعال لا سيّما شرعية الأحكام بالحكم و المصالح ظاهر كإيجاب
الحدود، و الكفّارات، و تحريم المسكرات و ما أشبه ذلك، و النصوص أيضا شاهدة بذلك
كقوله تعالى: وَ مٰا خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ إِلاّٰ
لِيَعْبُدُونِ 1و مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنٰا عَلىٰ بَنِي
إِسْرٰائِيلَ 2الآية. فَلَمّٰا قَضىٰ زَيْدٌ مِنْهٰا
وَطَراً زَوَّجْنٰاكَهٰا لِكَيْ لاٰ يَكُونَ عَلَى
اَلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ 3الآية، و أمّا تعميم ذلك بأن لا يخلو فعل من أفعاله عن
غرض فمحلّ بحث» . 4
يلاحظ عليه: أنّ مسألة الغرض و الغاية
ليست من التعبّديّات، حتى نقتصر بمورد النص و دليل النقل بل هي حكم عقلي، و ملاكه
لزوم العبث و اللغوية على القول بنفي الغاية عن أفعاله تعالى، و هذا يعمّ التكوين
و التشريع، سواء علمنا