و إن شئت فقل: إنّ علمه بذاته المشتمل
على علمه بفعله باعث له نحو الفعل و هذا هو الفاعل بالتجلّي كما قرّر في محلّه.
3. مظاهر عدله و حكمته تعالى في الكون
الطريق الأوّل لإثبات عدله تعالى و
حكمته كان من طريق اللّم، و الطريق الثاني كان من طريق التحليل و تنقيح المناط، و
هذا الطريق، طريق الإن، أي نرجع إلى آثار صنعه تعالى فنرى فيها مظاهر عدله، و
مجالي حكمته، فنستدلّ على أنّ فاعلها عادل حكيم، و هذا الطريق أسهل فهما و أعمّ
نفعا، و من هنا اعتني به في الكتاب العزيز و الأحاديث المروية عن المعصومين عليهم
السّلام فمن الكتاب قوله تعالى:
قال الراغب: التفاوت: الاختلاف في
الأوصاف، كأنّه يفوت وصف أحدهما الآخر، أو وصف كلّ واحد منهما الآخر» .
و قال العلاّمة الطباطبائي: «المراد
بنفي التفاوت اتّصال التدبير و ارتباط الأشياء بعضها ببعض من حيث الغايات و
المنافع المرتّبة على تفاعل بعضها في بعض، فاصطكاك الأسباب المختلفة في الخلقة و
تنازعها كتشاجر كفتي الميزان و تصارعهما بالثقل و الخفّة، و الارتفاع و الانخفاض،
فإنّهما في عين أنّهما تختلفان، تتفقان في إعانة من بيده الميزان فيما يريده من
تشخيص وزن السلعة الموزونة» . 1
و من الأحاديث قول الإمام عليّ عليه
السّلام: «أ فلا ينظرون إلى صغير ما خلق، كيف أحكم خلقه و أتقن تركيبه، و فلق له
السمع و البصر و سوّى له العظم