و يعاقبك عليه، حاشاه من ذلك، و لا
تتّهمه في أنّه أمكن الكذّابين من المعجزات فأضلّ بهم الناس، و لا تتّهمه في أنّه
كلّفك ما لا تطيقه و غير ذلك من مسائل العدل.
و جملة الأمر أنّ مذهب أصحابنا في العدل
و التوحيد مأخوذ عن أمير المؤمنين» . 1
4. صلة العدل و الحكمة بقاعدة الحسن و
القبح
قد اتّضح ممّا تقدم أنّ موضوع العدل و
الحكمة هو أفعاله سبحانه و مفادهما أنّ أفعال اللّه تعالى منزّهة عن القبح مطلقا.
و هذا يبتنى على القول بأنّ الأفعال الصادرة عن كلّ فاعل مريد تتصف بالحسن و القبح
بذاتها، و أنّ العقل يستقلّ بإدراكهما في الجملة، و هذا هو مفاد قاعدة التحسين و
التقبيح العقليين، و على هذا:
فمسألة العدل و الحكمة مبتنية على تلك
القاعدة، و من هنا نرى المتكلّمين جعلوا البحث عن قاعدة الحسن و القبح مفتاحا لباب
العدل و بدءوا بها، قال مؤلف الياقوت:
«القول في العدل، و الأفعال قد يستقلّ
العقل بقبح بعضها دون بعض و بحسنه، كالظلم و الإنصاف و الكذب و الصدق، لأنّه
معلوم، و لا يستند إلى الشرع لاستقباح الجاهلية له. فلا بدّ من العقل» . 2
و قال المحقّق الطوسي: «الفصل الثالث في
أفعاله، الفعل المتّصف بالزائد إمّا حسن و إمّا قبيح، و الحسن أربعة، و هما
عقليان» . 3
و قال العلاّمة الحلّي: «الأصل الذي
يتفرّع عليه مسائل العدل، معرفة كونه
[1] شرح نهج البلاغة، ج 4، ص 522، دار
إحياء التراث العربي، بيروت.
[2] الياقوت في علم الكلام، لأبي إسحاق
النوبختي، ص 45، مكتبة المرعشي، قم.