عن أصل العدل و الحكمة و تنزيهه سبحانه
عن الظلم و العبث، فكان الحسن البصري يقول: «كل شيء بقضاء اللّه و قدره إلاّ
المعاصي» 1و قال الغيلان الدمشقي-و هو من دعاة القدرية-احتجاجا على ميمون بن
مروان: «أشاء اللّه أن يعصى؟» ، و ورد في أحاديث الشيعة «مساكين القدرية أرادوا أن
يصفوا اللّه بعدله فأخرجوه من قدرته و سلطانه» . 2
و كان واصل بن عطاء-رئيس المعتزلة-يقول:
«إنّ الباري تعالى حكيم عادل، لا يجوز أن يضاف إليه شرّ و لا ظلم، العبد هو الفاعل
للخير و الشر» 3هذا.
و الإمام علي عليه السّلام منذ الوهلة
الأولى بعد رحيل النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى الملأ الأعلى كان
متقدّما في تبيين المعارف و الذبّ عن العدل و التوحيد، و عنه أخذت أئمة العقائد و
الكلام ما أحسنوه من الرأي في هذا المجال هذا هو ابن أبي الحديد المعتزلي عند ما
تعرّض لشرح قوله عليه السّلام: «التوحيد أن لا تتوهّمه، و العدل أن لا تتّهمه»
قال: «هذان هما ركنا علم الكلام، و هما شعار أصحابنا المعتزلة، لنفيهم المعاني
القديمة التي يثبتها الأشعري و أصحابه و تنزيههم الباري سبحانه عن فعل القبيح.
و معنى قوله: «أن لا تتوهّمه» أي لا
تتوهّمه جسما أو صورة أو في جهة مخصوصة أو مالئا لكل الجهات أو قوة سارية في جميع
العالم، أو من جنس الأعراض، أو تحلّه المعاني و الأعراض، فمتى توهّم على شيء من
هذا فقد خولف التوحيد، و هذا هو الركن الأوّل.
و أمّا الركن الثاني فهو أن لا تتّهمه،
أي لا تتّهمه في أنّه أجبرك على القبيح،
[1] الأمالي للسيد المرتضى، ج 1، ص 106،
مكتبة المرعشي.