تعالى حكيما لا يفعل القبيح و لا يخل
بالواجب، فإذا أثبتوه بنوا عليها مسائل العدل من حسن التكليف و وجوب اللطف و
غيرهما من المسائل الآتية، و لمّا كان هذا الأصل يتوقّف على معرفة الحسن و القبح و
أنّهما عقليان، ابتدأ المصنف بالبحث عن ذلك» . 1
و قد بحث المحقّق اللاهيجي في كتابه
«سرمايۀ إيمان» عن مسائل العدل ضمن ثمانية فصول و خصّ الفصل الأوّل بالبحث عن
مسألة الحسن و القبح.
5. هل العدل من أصول الدين؟
يعدّ العدل أصلا من أصول مذهب المعتزلة،
و هي خمسة: التوحيد، و العدل، و المنزلة بين المنزلتين، و الوعد و الوعيد، و الأمر
بالمعروف و النهي عن المنكر، كما أنّه من أصول مذهب الإمامية و هي أيضا خمسة:
التوحيد، و العدل، و النبوة، و الإمامة و المعاد، و قد يسأل و يقال: إن كان
الاعتقاد بالعدل من صميم الإيمان فيجب الاعتقاد به على كلّ مسلم، فلما ذا خصّ ذلك
بمذهب العدلية (الإمامية و المعتزلة) ؟ أ ليس الأشاعرة معترفين بعدله سبحانه؟
و الجواب: أنّ الاعتقاد بالعدل من حيث
إنّه من صفات اللّه سبحانه من صميم الدين و يجب على كلّ مسلم، و لم ينكره مذهب أو
فرقة من المذاهب و الفرق، كما أنّهم اتّفقوا في أنّه تعالى عالم، حيّ، خالق، رازق،
و إنّما الاختلاف في تفسير عدله تعالى.
فالعدلية يفسّرونه على ضوء قاعدة الحسن
و القبح العقليّين و يقولون:
إنّ الأفعال الصادرة عن الفاعل المريد
تتّصف بذاتها إمّا بالحسن، و إمّا بالقبح، و ليس حسنها و قبحها باعتبار الشرع، و
إنّما الشرع كاشف عن جهات الحسن