وجه الاندفاع أنّ حدوث الحوادث مستند
إلى أسباب منتهية إليه تعالى، و توسيط الأسباب و العلل ممّا اقتضته المصلحة
الكلّية و هي مقدّمة على المصالح الجزئية، مع أنّ الأصلح في الموارد المذكورة في
محل المنع، فإنّ الأصلح للكافر إبقاءه حتى يستحق الثواب و الجنّة، و أمّا خلوده في
النار فبسوء فعله و إرادته، و الأصلح للمكلّفين وجود الأنبياء و حضورهم في أزمنة و
اختفاؤهم في أزمنة أخرى، إذ ذلك يستدعي مجاهدتهم و فوزهم على درجات المجتهدين و
الراسخين في العلم» . 1
دليل المفصّلين
قد عرفت أنّ أبا الحسين البصري المعتزلي
2اختار في الأصلح القول بالتفصيل، و كلامه في الحقيقة راجع إلى فرض مصاديق غير
متناهية للأصلح و هو عمدة دليل المنكرين-كما عرفت-فقال: إنّ المقدار الزائد لا
يخلو من وجهين:
1. ملازم للمفسدة على المكلّف فيجب
إعطاء المقدار الخالي عن المفسدة، إذ الداعي في هذا الفرض لا يعارض بشيء لأنّ
الأصلح يكون متناهيا محدودا بما لا يستلزم مفسدة.
2. لا يكون كذلك، فليس بواجب إذ الداعي
تعارض بالصارف أي المصاديق غير المتناهية للأصلح.
قال الحمصي: «و قد توسّط الشيخ أبو
الحسين بين الفريقين، بأن قال:
الأولى أن يقال: إنّه إن علم تبارك و
تعالى أنّ الزيادة على المائة مفسدة، فإنّه لا بدّ من أن يفعل المزيد عليه لتجرّد
الداعي إلى فعلها من دون معارضة صارف، و إن لم يكن في الزيادة عليها مفسدة إلى غير
غاية جاز أن يفعل المزيد عليه و جاز أن لا