الثاني: أنّ الإنسان فاعل مختار و
لإرادته و اختياره دور في كونه من أهل الفلاح و الضلال، قال سبحانه: إِنّٰا
هَدَيْنٰاهُ اَلسَّبِيلَ إِمّٰا شٰاكِراً وَ إِمّٰا
كَفُوراً (الدهر/3 و اللّه سبحانه خلق الموت و الحياة ليبلو الناس أيّهم أحسن
عملا.
الثالث: أنّ مسألة الأصلح متعلّقة
بالمنافع الدنيويّة و لا صلة لها بالآخرة.
الرابع: أنّ كون الجود واجبا على اللّه
بالمعنى الذي أوضحناه، لا ينافي وجوب شكر النعمة على العبد فهاهنا قاعدتان عقليتان
لا تزاحم إحداهما الأخرى بوجه.
الخامس: أنّ الأصلح بحال الكل-كل الناس
أو كل النظام الكوني-مقدّم على الأصلح بحال فرد أو طائفة، كما أنّ الأصلح باعتبار
الدين مقدّم على الأصلح بلحاظ الدنيا، فلو فرضنا أنّ وجود إبليس و ذرّيته أصلح
بالقياس إلى نظام الكل فلا يعارض بما يترتّب على وجوده من المفاسد.
السادس: أنّ لفعل الأصلح و صدوره من
اللّه سبحانه شروطا و أسبابا و منها دعاء المكلّفين، فالدعاء لا ينافي الأصلح
بوجه، هذا مع أنّها بنفسها أصلح بحال المكلّفين في أمر الدين، فهي لطف على العباد.
و ممّن تعرض للإجابة عن شبهات المنكرين
لوجوب الأصلح هو المحقّق اللاهيجي في كتابه (سرمايۀ إيمان) و بنى
الجواب عنها على التفكيك بين مصلحة الكلّ و الجزء، حيث قال: «إنّ المصلحة على
نوعين: المصلحة بالقياس إلى جميع الموجودات، و المصلحة بالنسبة إلى موجود خاص، و
الأوّل مقدّم على الثاني عقلا، فالملاك هو مصلحة الكلّ، سواء وافقت مصلحة الجزء أو
خالفتها.
و قد اندفع بذلك كثير من شبهات المنكرين
كقولهم: كان الأصلح بحال الكافر المبتلى في جميع أوقاته بالأمراض و الآفات أن لا
يخلق، أو أن يموت في الطفولية، أو يكون مسلوب العقل، و أيضا كان الأصلح للمكلّفين
إبقاء وجود الأنبياء في جميع الأزمنة و الأوقات، و عدم موتهم، و كان الأصلح لهم
عدم وجود إبليس إلخ.