لكنّه أشكل عليه بأنّه لا ينتج الوجوب
المبحوث عنه هنا حيث قال: «و هذا التحرير يقتضي أنّهم يذهبون إلى وقوع المصلحة
الدنياوية منه تعالى لا محالة، و أنّ وجوبها إنّما هو بهذا المعنى، لا بمعنى
استحقاق الذمّ بالإخلال به» . 1
و يمكن أن يجاب عنه بأنّ الوجوب المصطلح
عند العدليّة لا يختص بما يستلزم ذمّا و لوما على الفاعل، بل معناه هو لزوم
الملائمة بين الفعل و صفات اللّه تعالى الكمالية، و لا شكّ أنّ القدرة المطلقة من
صفات اللّه الكمالية، و ترك الأصلح في الفرض المذكور ينافي القدرة المطلقة، فيكون
فعله واجبا.
أدلّة النافين لوجوب الأصلح
احتجّ النافون لوجوب الأصلح مطلقا
بوجهين:
الوجه الأوّل: وجوب الأصلح مستلزم
للمحال، لأنّ ما من فعل هو أصلح لشخص إلاّ و هناك فعل أصلح منه، و اللّه تعالى
قادر على الجميع، و لازم ذلك تحقّق الأفعال غير المتناهية كلّها أصلح و هو محال.
قال السيد المرتضى: «آكد ما دلّ على ذلك، أنّه تعالى قادر من أجناس المنافع و
اللّذات على ما لا ينحصر، فلو وجب عليه تعالى فعل المنافع بشرط أن لا يكون مفسدة
على ما يقولون، و قد علمنا أنّه تعالى لا يفعل في الوقت الواحد من ذلك إلاّ ما هو
محصور متناه، فما زاد على هذا المقدار المفعول من المنافع و لو بجزء واحد لا يخلو
من أمور:
-إمّا أن يقال: إنّه غير مقدور، ذلك
يؤدّي إلى تناهي مقدوره تعالى.
-أو هو مقدور و ليس بواجب، لأنّ فعل
المنافع غير واجب، و ذلك الصحيح الذي نذهب إليه.