يشير أبو الصلاح الحلبي (المتوفّى 447 ه.
ق) بقوله: و الرئاسة واجبة في حكمته تعالى على كلّ مكلّف يجوز منه إيثار القبيح،
لكونها لطفا في فعل الواجب و التقريب إليه، و ترك القبيح أو التبعيد منه، بدليل
عموم العقلاء بكون من هذه حاله عند وجود الرئيس المبسط اليد الشديد التدبير، القوي
الرهبة إلى الصلاح أقرب و من الفساد أبعد، و كونهم عند فقده أو ضعفه بخلاف ذلك» .
1
3. وجوب عصمة الأنبياء
اتّفق المتكلّمون على لزوم عصمة
الأنبياء و إن اختلفوا في حدودها، و تفرّدت الإمامية بالقول بالعصمة المطلقة، أي
قبل البعثة و بعدها، من الصغائر و الكبائر سهوا و عمدا، و جميع المنفّرات، و
استدلّوا على ذلك بقاعدة اللطف، يقول المحقّق البحراني:
«و عندنا أنّ النبيّ معصوم عن الكبائر و
الصغائر عمدا و سهوا من حين الطفولية إلى آخر العمر» . ثمّ بعد إقامة براهين ثلاثة
على تلك المدعى. قال:
«و ينبغي أن يكون منزّها عن كلّ أمر
تنفر عن قبوله، امّا في خلقه كالرذائل النفسانية من الحقد و البخل و الحسد و الحرص
و نحوها، أو في خلقه كالجذام و البرص، أو في نسبه كالزنا و دناءة الآباء، لأنّ
جميع هذه الأمور صارف عن قبول قوله و النظر في معجزته، فكانت طهارته عنها من
الألطاف التي فيها تقريب الخلق إلى طاعته و استمالة قلوبهم إليه» . 2
ثمّ إنّ القرآن الكريم كما يعد النبوّة
من تجلّيات رحمته تعالى و يقول: أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ (الزخرف/32
ردّا على المشركين الذين كانوا يعترضون