عن عدم فعل اللطف في حقّهم، فإنّهم بسوء
اختيارهم جعلوا أنفسهم في محلّ الحرمان و المنع.
يقول العلاّمة الحلّي:
«إنّ اللطف لطف في نفسه، سواء حصل
الملطوف فيه أو لا، فإنّ اللطف هو ما يقرّب الملطوف فيه و يرجّح وجوده على عدمه، و
يجوز أن يتحقّق مع وجود اللطف معارض أقوى منه، و هو سوء اختيار المكلّف» 1و يظهر
من الفاضل القوشجي الأشعري (المتوفّى 879 ه. ق) ارتضاؤه بهذا الجواب، حيث نقله و
لم يناقش فيه بشيء. 2
و قد أجاب القاضي عبد الجبار عن الإشكال
بوجه آخر و حاصله:
«أنّ المكلّفين على طائفتين:
طائفة من علم اللّه تعالى أنّهم ينتفعون
باللطف و لا يكفرون، و أخرى من علم أنّهم يكفرون بذلك فلا ينتفعون، و إنّما يجب
فعل اللطف في حقّ الطائفة الأولى، دون الثانية. 3
و هذا الجواب يستفاد من حديث رواه
الصدوق عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام حيث قال عليه السّلام في تفسير قوله
تعالى: وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُمٰاتٍ لاٰ يُبْصِرُونَ (البقرة/17 : «إن
اللّه تبارك و تعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه، و لكنّه متى علم أنّهم لا
يرجعون عن الكفر و الضلال منعهم المعاونة و اللطف و خلّى بينهم و بين اختيارهم» .
4