و قال المحقّق البحراني: «أنّه لو جاز
الإخلال به في الحكمة، فبتقدير أن لا يفعله الحكيم كان مناقضا لغرضه، لكن اللازم
باطل فالملزوم مثله.
بيان الملازمة: إنّه تعالى أراد من
المكلّف الطاعة، فإذا علم أنّه لا يختار الطاعة أو لا يكون أقرب إليها إلاّ عند
فعل يفعله به لا مشقة عليه فيه و لا غضاضة، وجب في الحكمة أن يفعله، إذ لو أخلّ به
لكشف ذلك عن عدم إرادته له.
بيان بطلان اللازم: أنّ العقلاء يعدون
المناقضة للغرض سفها و هو ضدّ الحكمة و نقص، و النقص عليه تعالى محال» . 1
و قد ذكروا لذلك مثالا و هو أنّ من يدعو
غيره إلى ضيافة و هو يعلم أو يغلب في ظنّه أنّ الدعوة بوحدها غير كاف في تحصيل ذلك
الغرض، بل يتوقّف حصوله على الإتيان بأفعال و آداب خاصة، فلو أخلّ بها عدّ ناقضا
لغرضه.
يقول السيد المرتضى: «إنّ أحدنا لو دعا
غيره إلى طعام و تأهّب لحضوره ذلك الطعام و غرضه المقصود نفع المدعو-و إن كانت
للداعي في ذلك مسرّة فعلى سبيل التبع للغرض الأوّل-و فرضنا أنّه يعلم أو يغلب في
ظنّه أنّه متى تبسّم في وجهه أو كلّمه باللطيف من الكلام، أو أنفذ إليه ابنه و ما
أشبه ذلك-ممّا لا مشقّة عليه فيه و لا شيء من الكلفة-حضر و لم يتأخر، و أنّه متى
لم يفعل معه ذلك، لم يحضر على وجه من الوجوه، وجبت عليه متى استمرّ على إرادته منه
الحضور و لم يرجع عنها أن يفعل ذلك، و متى لم يفعله استحقّ الذم، كما يستحقّ الذم
لو أغلق الباب دونه، و هذه الجملة تقتضي وجوب اللطف عليه تعالى، لأنّ العلّة
واحدة» . 2