نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 302
أي و لكلّ من
طريقي الحقّ و الباطل قوم أعدّهم القدر لسلوكها بحسب ما جرى في اللوح المحفوظ بقلم
القضاء الإلهيّ كما قال الرسول صلى اللّه عليه و آله:كلّ ميسّر لما خلق له قوله
فلئن أمر الباطل لقديما فعل و لئن قلّ الحقّ فلربّما و لعلّ ،أردف لذلك بما يشبه
الاعتذار لنفسه و لأهل الحقّ في قلّته،و ذمّ و توبيخ لأهل الباطل على كثرة
الباطل،و قلّة الحقّ في ذلك الوقت ليس بديعا حتّى أجهد نفسي في الإنكار على أهله
ثمّ لا يسمعون و لا ينتهون،و في قوله لربّما و لعلّ تنبيه على أنّ الحقّ و إن قلّ
فربّما يعود يسيرا ثمّ أردف حرف التقليل و هو ربّما بحرف التمنّي،و كان في هذه
الأحرف الوجيزة إخبار بقلّه الحقّ و وعد بقوّته مع نوع تشكيك في ذلك و تمنّى
لكثرته .قوله و لقلّما أدبر شيء فأقبل استبعاد لرجوع الحقّ إلى الكثرة
و القوّة بعد قلّته و ضعفه على وجه كلّي فإنّ زوال الاستعداد للأمر مستلزم لزوال
صورته و صورة الحقّ إنّما افيضت على قلوب صفت و استعدّت لقبوله فإذا أخذ ذلك
الاستعداد في النقصان بموت أهله أو بموت قلوبهم و تسوّد ألواح نفوسهم بشبه الباطل
فلا بدّ أن ينقض نور الحقّ و تكثر ظلمة الباطل بسبب قوّة الاستعداد لها و ظاهر أنّ
عود الحقّ و إصاءة نوره بعد إدباره و إقبال ظلمة الباطل أمر بعيد و قلّ ما يعود
مثل ذلك الاستعداد لقبول مثل تلك الصورة للحقّ و لعلّه يعود بقوّة فيصبح ألواح
النفوس و أرضها مشرقة بأنوار الحقّ و يكرّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق،و ما
ذلك على اللّه بعزيز،و في ذلك تنبيه لهم على لزوم الحقّ و بعث على القيام به كيلا
يضمحلّ بتخاذلهم عنه فلا يمكنهم تداركه،و باللّه التوفيق.