و خالفهم عدّةٌ من المحققين كالسيد حسن الصدر قدس سره.[1] فانّه عدّ شيخوخة الاجازه من أمارات المدح دون الوثاقة، إلا إذا استفاض النقل في الاعتناء بشأن شيخ الاجازة و تجليله و تعظيمه.

و ممن خالف المشهور و أنكر أمارية شيخوخة الاجازة مطلقاً، السيد المحقق الخوئي قدس سره و تبعه أكثر تلامذته.

و لكن قبل الورود في البحث ينبغي أن يقال: ليس المراد من مشايخ الاجازة مطلق من يجيز في الرواية أو يُستجاز منه في نقلها، و لو في نقل رواية واحدة أو روايتين أو روايات معدودة قليلة. بل المقصود من اشتهر بذلك، إمّا للاستجازه منه في رواية الكتب المشهورة، كما قال السيد الصدر في بيان المراد من مشايخ الاجازة: «و معنى ذلك أنّه ممن يستجاز في رواية الكتب المشهورة»[2]، أو لكثرة الروايات التي استجيز منه لنقلها، أو شياع الاعتناء بشأنه بين الأصحاب في إجازة الرواية و الاستجازة لها، كما يشهد لذلك كلام الشهيد قدس سره و الشيخ البهائي قدس سره و غيرهما. و سيأتي نقل كلامهم.

فتبيّن بذلك أنّ مقصودهم من شيخوخة الاجازة ليس مطلق الشيخوخة في التحديث و الرواية أو الاجازة و الاستجازة.

ثم إنه قد استُدِل لأمارية شيخوخة الاجازة على الوثاقة بامور؛

الأوّل: ما يستفاد من كلام الشهيد قدس سره و الشيخ البهائي قدس سره و غيرهما: من اشتهار وثاقة مشايخ الاجازات، و ضبطهم و ورعهم بين الأصحاب بسبب اعتناء أعاظم علمائنا المتقدمين بشأنهم، و إكثار الرواية عنهم، و حكم أعيان الفقهاء من القدماء و المتأخرين بصحة رواياتٍ وقع هؤلاء في طرقها.

قال الشهيد الثاني: «تعرف العدالة المعتبرة في الراوي بتنصيص عدلين عليها، أو بالاستفاضة، بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل أو غيرهم من أهل العلم، كمشايخنا السالفين من عهد الشيخ محمد بن يعقوب الكليني قدس سره و ما

[1] -/ نهاية الدراية: ص 414.

[2] -/ نهاية الدراية: ص 409.