أمّا
صحيح الحلبي، فالظاهر أنّ ما جاء فيه من الفرق بين النقد وبين النسيئة في مختلف
الجنس بتجويز النقد ومنع النسيئة، من باب التعبّد والتوقيف، لا لأجل شائبة الربا.
وذلك لفرض اختلاف جنس العوضين، ولأنّ الإمام قد حكم بالجواز مع فرض اختلاف الجنس
والمقدار. فليس نهيه النسيئة لأجل التفاضل المحقّق للربا. فلا يكشف عن عدم اعتنائه
بمالية الأجل الواقع بإزاء ما به التفاضل.
فاتّضح
بهذا البيان وجه ضعف ما استظهره صاحب «الجواهر»[1]
من كلمات الأصحاب أ نّهم حكموا بتحريم النسيئة في المتفاضلين من مختلف الجنس لأجل
تطرّق الربا؛ رغماً لما يظهر من النصوص أ نّه لأجل التعبّد. وسيأتي نقل نصّ كلامه
في تحقيق مسألة النسيئة في المتفاضلين في مختلف الجنس.
ولم
يرد نصٌّ يدلّ على حرمة النسيئة بالعموم. وأمّا قوله عليه السلام:
«إنّ الناس لم يختلفوا في النسيء إنّه الربا»
في
صحيح عبدالرحمان[2]، فالظاهر
أ نّه صادر في مقام التقيّة. و «الناس» إشارة إلى أبناء العامّة.
وثانياً:
لذهابهم إلى ثبوت الربا بازدياد أحد العوضين المختلفين بإزاء التأجيل في أدائه،
كما صرّح بذلك في صحيح سعيد بن يسار، قال: سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن
البعير بالبعيرين يداً بيد ونسيئة، فقال: «نعم، لا بأس إذا سمّيت
الأسنان جذعين أو ثنيّين، ثمّ أمرني فخططت على النسيئة»[3]
وقد
علّل ذيل هذه الرواية بطريق الصدوق بقوله: «لأنّ الناس يقولون: لا، فإنّما فعل ذلك
للتقيّة».