وقال
الراوندي: «قال بعضهم إنّهم قالوا: الزيادة على رأس المال بعد تصييره على جهة
الدين كالزيادة عليه في ابتداء البيع، وذلك خطأٌ، لأنّ أحدهما محرم والآخر مباح،
وهو أيضاً منفصل منه في العقد، لأنّ الزيادة في أحدهما لتأخير الدين وفي الآخر
لأجل البيع. والفرق بين البيع والربا أنّ البيع ببدل، لأنّ الثمن فيه بدل المثمن،
والربا ليس كذلك، وإنّما هو زيادة من غير بدل للتأخير في الأجل أو زيادة في الجنس»[1].
ولكنّه خلاف ما قام عليه الإجماع ودلّت عليه النصوص من حرمة أخذ الزيادة بإزاء
التأخير في أجل الدين، وأنّ ذلك من قبيل الربا، ويفترق عن النسيئة بوقوع الثمن
هناك بإزاء المتاع وكون الزيادة هاهنا بإزاء ازدياد الأجل.
وإن
كان روح النسيئة أيضاً قد اشرب فيه وقوع الزائد من الثمن بإزاء الأجل، إلّاأنّ
النصوص المجوّزة النسيئة أخرجتها عن حكم الربا تعبّداً، مع وقوع الثمن واقع في
النسيئة بإزاء المتاع في ظاهر لفظ صيغة البيع، وإنّما يحرّم الكلام ويحلّل الكلام.