كلامه.
و من هنا ينبغى تحقيق مدلول هذه الآية و تفسيرها ليتضح وجه
الاستشهاد بها لاستدلال الشيخ.
قال الطبرسي: «موضع قوله- بربّك- رفعٌ. و المعنى أو لم يكف ربّك
و، أنّه على كل شي شهيد، في موضع رفع أيضاً على البدل. و إن حملته
على اللفظ فهو في موضع جرّ و المفعول محذوف. و تقديره: أو لم يكف
شهادة ربّك على كل شيء و معنى الكفاية هنا أنّه سبحانه بيّن للناس ما
فيه كفاية من الدلالة على توحيده و تصحيح نبوّة رسله»[1].
و عليه فمعنى الآية: أو لم يكف شهادة ربّك على كلّ شيءٍ؟
و حاصل استدلال الشيخ الرئيس: شهادة وجود الباري على وجوب
وجوده، ثم على كل شيءٍ من مخلوقاته. و عبّر عنه بحكم الصديقين و
اشتهر بعد ذلك ببرهان الصديقين؛ أي برهان الملازمين للصدق و
الاصابة، كما أشار إليه الحكيم المحقق نصير الدين الطوسي فيما يأتى
من كلامه.
وجه الدلالة أنّ صدر الآية لمّا تعرّض للاستدلال بآيات الآفاق و
الأنفس، من عجائب صنع اللَّه و غرائب مخلوقاته على وجود خالق صانع
لها واجب بالذات واحد مدبّر، دلّ قوله: «أو لم يكف ...» على كفاية وجود
[1] -/ تفسير مجمع البيان: ج 9- 10 ص 20.