لمعاني أسماء الباري (تعالى) و صفاته مصاديق تطابقها في نفس الأمر؛
حيث إنّ لذات الباري (تعالى) كمالات و صفات موجودة حقيقية كشفت
عنها هذه الأسماء و الصفات. و عليه فحمل أسماء الباري على نفي
النواقص و ارجاع صفات الجمال و الكمال إلى صفات الجلال، غير
وجيه، بل غير معقول؛ إذ يلزم من ذلك رجوع كل كمال ذاتي له (تعالى) إلى
العدم و خلوّ ذاته المقدسة عن الكمال الموجود الحقيقي، و هذا يكذّبه
العقل و الوجدان و البرهان.
و إنّ معانى هذه الأسماء و الصفات ليست من غير جنس المعاني
نعقلها و نجدها في أنفسنا؛ إذ المعنى الذي نفهمه و يتبادر إلى أذهاننا من
قولنا: «علم زيدٌ» و قولنا: «علم اللَّه» واحدٌ، إلّاأنّ علم الانسان بالصورة
الذهنية يستحيل في حق الباري؛ حيث لا ذهن و لا صورد لذاته المقدّسة.
و هذا الفارق من خصوصيات مصداق العلم. فالفرق بين أسماءاللَّه و
صفاته (تعالى) و بين صفات الانسان في المصداق، لا في أصل المفهوم. و
هذا هو الذي يظهر من روايات أهل البيت عليهم السلام. مثل ما ورد عن علي عليه السلام:
«إنّ ربّي لطيف اللطافة، فلا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف
بالعِظَم، ... بصير لا بآلة».[1]
[1] -/ التوحيد: ب 43، ص 306، ح 1/ الكافي ج 1، ب جوامع التوحيد: ص 138، ح 4/ نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: ج 1، ص 474.