كل
ما تقدم كان ناظرا إلى الأصل العقلي، و أما الأصل الشرعي- و أعني به البراءة
الشرعية المستندة إلى حديث «رفع عن أمّتي ما لا يعلمون»- فقد يقال بتطبيقه في المقام
و الحكم بالبراءة عن اعتبار قصد القربة، فإن نتيجة الأصل العقلي و إن كانت هي
الاشتغال كما تقدم إلّا أن حكم العقل بذلك موقوف على عدم حكم الشرع بالبراءة و
إلّا فلا يحكم- أي العقل- بالاشتغال، فإن حكمه بذلك هو لأجل التحفّظ على حكم
الشارع فإذا فرض أن نفس الشارع قد تنازل عن حكمه- من خلال أصل البراءة الشرعي- فلا
يحتمل بل لا معنى لأن يبقى العقل مصرّا على حكمه بالاشتغال.
إذن
فلنلاحظ هل يمكن التمسك بأدلة البراءة الشرعية لنفي اعتبار قصد القربة؟ و الجواب:
كلا إنه غير ممكن، لأنه إما أن يراد التمسك بها لنفي مدخلية قصد القربة في متعلق
الوجوب أو يراد التمسك بها لنفي مدخليته في الغرض.