و
قبل بيان ما يقتضيه الأصل العملي العقلي نشير إلى مقدمة، حاصلها: إن الأقل و
الأكثر على نحوين: أقل و أكثر استقلاليين، و أقل و أكثر ارتباطيين.
مثال
الأوّل: الشك في اشتغال الذمة بقضاء صلاة أو صلاتين، فإنه لو اتي بصلاة واحدة و
كانت الذمة مشغولة بصلاتين فرغت بمقدار صلاة واحدة و بقيت مشغولة بمقدار صلاة
أخرى، و هذا معناه أن امتثال الأقل لا يرتبط بامتثال الأكثر، بل هما مستقلان في
مقام الامتثال.
و
مثال الثاني: الشك في أن أجزاء الصلاة تسعة- أي من دون السورة مثلا- أو هي عشرة
فلو أتى المكلف بالتسعة و كان الواجب واقعا هو العشرة لم يقع امتثال بمقدار تسعة
بل لا يقع الامتثال رأسا، و هذا معناه أن امتثال الأقل مرتبط بامتثال الأكثر.
و
نتمكن أن نقول: إن مورد الشك في الجزئية أو الشرطية هو عبارة أخرى عن الأقل و الأكثر
الارتباطيين، فهما إذن مترادفان، فالأقل و الأكثر الارتباطيان- الشك في الجزئية أو
الشرطية، و يمكن ابدال مصطلح الأقل و الأكثر الارتباطيين بالشك في الجزئية أو
الشرطية.
و
باتضاح هذين النحوين نقول: لا شك في جريان البراءة في الأقل و الأكثر
الاستقلاليين، فيقال: إن اشتغال الذمة بمقدار الأقل أمر يجزم به، و يشك في
اشتغالها بالزائد فتجري البراءة عنه، و هذا بخلافه في الأقل و الأكثر الارتباطيين
فإنه قد وقع الخلاف بين الاعلام، فقيل بجريان البراءة عن الزائد كما في
الاستقلاليين، و قيل بجريان الاشتغال.
هذه
هي المقدمة التي أردنا بيانها، و يأتي بيان ما يقتضيه الأصل العملي العقلي فيما
بعد إن شاء اللّه تعالى.