و قد ذهب
صاحب القوانين إلى أن موضوع علم الأصول هو الأدلة الأربعة بما هي حجة و دليل،
بينما ذهب صاحب الفصول إلى أنه هو الأدلة الأربعة بما هي هي، أي ذوات الأدلة
الأربعة و بقطع النظر عن حيثية حجيتها و دليليتها.[1]
و
في مقام تحقيق المصنف لهذه النقطة يقدّم قدّس سرّه مقدمة، حاصلها أنه لا يلزم في
موضوع العلم أن يكون مشخّصا بنحو التفصيل و معلوم الاسم و العنوان، فإن ذلك لا
مدخلية له في موضوعيته، فموضوع العلم موضوع له سواء عرف اسمه أم لا، و تكفي
الإشارة الإجمالية إليه.
و
بناء على هذا نتمكن أن نقول: إن موضوع علم الأصول ليس هو الأدلة الأربعة بذواتها و
لا بما هي أدلة لما يرد على ذلك من إشكال كما سوف نشير إليه و إنما الموضوع له هو
الجامع و الكلي المتحد مع موضوعات مسائله المختلفة حيث عرفنا في النقطة الأولى أن
موضوع كل علم متحد مع موضوعات مسائله. هكذا نقول.
أو
نقول: إن موضوع علم الأصول هو كل مسألة تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي و إن لم
نشخّص تلك المسائل باسم خاص و عنوان معين.
[1] يرد على مختار صاحب القوانين صيرورة جميع مباحث
الحجج خارجة عن علم الأصول، فمبحث حجية الاجماع، و حجية العقل، و حجية الخبر مثلا
يلزم أن لا تكون أصولية لأن البحث فيها عن ثبوت الحجية، و هو ليس بحثا عن عوارض
الموضوع بل عن تحقق الموضوع، فإن الحجية جزء الموضوع فالبحث عن ثبوتها بحث عن تحقق
الموضوع، و من الواضح أن مسائل العلم هي ما يبحث فيها عن عوارض موضوع العلم دون ما
يبحث فيها عن تحقق الموضوع، فإن ذلك من مبادئ العلم و ليس من مسائله، و لعلّه لأجل
هذا الإشكال اختار صاحب الفصول كون الموضوع ذوات الأدلة الأربعة.