و مثال ذلك:
ما إذا علمنا بأن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب و مجاز في الاستحباب و فرض أن
المتكلم استعملها في جملة و قال:
اغتسل
للجمعة مثلا و لم يدر هل أراد الوجوب الذي هو المعنى الحقيقي أو الاستحباب الذي هو
المعنى المجازي اعتمادا منه على القرينة فنجري في مثل هذه الحالة- التي يشك فيها
في أصل مراده مع فرض تشخيص المعنى الحقيقي و تمييزه عن المعنى المجازي- أصالة عدم
القرينة.
2-
ما إذا كان لدينا لفظ نعرف معناه الذي أريد منه و لكن لا ندري هل أن المتكلم أراده
منه من دون قرينة ليكون الاستعمال آنذاك حقيقيا أو أراده منه اعتمادا على القرينة
ليكون الاستعمال فيه مجازيا، و في مثل هذه الحالة لا تجري أصالة عدم القرينة
لإثبات عدم الاستناد إليها، و من ثمّ ليكون الاستعمال حقيقيا و ليس مجازيا.
و
مثال ذلك: ما إذا قال المتكلم: (كتبت بيدي) مثلا فإنه يجزم بأن مراده من اليد هو
الأصابع دون مجموع الكف إلى الزند أو إلى المرفق، و لكن لا ندري إن فهم ذلك هل هو
ناشئ من وضع لفظ اليد لذلك أو من جهة الاستناد إلى القرينة التي هي تداول الكتابة
بالأصابع، و في مثله لا يمكن إجراء أصالة عدم القرينة لإثبات أن فهم المعنى
المذكور مستند إلى حاق اللفظ فيكون دليل الحقيقة و ليس إلى القرينة ليكون ذلك
مجازا.
إذن
في الحالة الأولى التي يشك فيها في أصل المراد بعد تشخيص المعنى الحقيقي فيها و
تمييزه عن المعنى المجازي تجري أصالة عدم القرينة بخلافه في الحالة الثانية التي
هي عكس الأولى، و هي أن يعلم بمراد المتكلم و لكن لا يدرى أن الاستعمال هل هو بنحو
الحقيقة أو بنحو المجاز و الاستناد إلى القرينة.