و محل
كلامنا الذي نتكلم عنه حيث إنه الحالة الثانية فلا تجري فيه أصالة عدم القرينة.
و
لكن لما ذا هذا الفرق؟ أي لما ذا تجري أصالة عدم القرينة في الحالة الأولى دون
الحالة الثانية؟
إن
ذلك من جهة أن مستند الأصل المذكور هو السيرة العقلائية و إلّا فلا يوجد نص شرعي
يدل عليها، و العقلاء يجرون الأصل المذكور في الحالة الأولى دون الحالة الثانية.
و
قد تبقى مكرّرا السؤال قائلا: إن العقلاء ليس عندهم قضايا تعبدية، و حينما يدعى
أنهم يجرون الأصل المذكور في الحالة الأولى دون الثانية فلا بدّ من ابراز نكتة
فارقة و إلّا فلا تقبل دعوى التفرقة بين الحالتين، و بالتالي يلتزم بجريانها فيهما
معا.
و
الجواب: أن الفارق موجود، و هو أنه في الحالة الأولى تترتب ثمرة عملية على اجراء
أصالة عدم القرينة، و تلك الثمرة هي إثبات مراد المتكلم و أنه المعنى الحقيقي، أي
الوجوب و ليس الاستحباب، و هذا بخلافه في الحالة الثانية، فإنه لا ثمرة عملية
تترتب على ذلك، إذ الفرض أن مراد المتكلم من اليد مثلا معلوم و واضح، و هو
الأصابع، و لكن لا يدرى أنه استند إلى القرينة ليكون الاستعمال مجازيا أو لم يستند
إليها ليكون الاستعمال حقيقيا، و من المعلوم أن تشخيص كون الاستعمال حقيقيا و ليس
مجازيا لا تترتب عليه ثمرة عملية ليبني العقلاء على أصالة عدم القرينة.