الاحتراق
فكيف نعمل بالمدلول الالتزاميّ؟ و سيأتي تكميل البحث عن ذلك و تعميقه في الحلقة
الآتية إن شاء اللّه تعالى.
وفاء
الدليل بدور القطع الموضوعي:
الدليل
المحرز إذا كان قطعيّا فهو يفي بما يقتضيه القطع الطريقيّ من منجّزيّة و معذّريّة،
لأنّه يوجد القطع في نفس المكلّف بالحكم الشرعي، كما أنّه يفي بما يترتب على القطع
الموضوعي من أحكام شرعيّة، لأنّ هذه الأحكام يتحقّق موضوعها وجدانا.
و
الدليل المحرز غير القطعيّ (أي الأمارة) يفي بما يقتضيه القطع الطريقيّ من
منجّزيّة و معذّريّة، فالأمارة الحجّة شرعا إذا دلّت على ثبوت التكليف أكّدت
منجّزيّته، و إذا دلّت على نفي التكليف كانت معذّرا عنه و رفعت أصالة الاشتغال كما
لو حصل القطع الطريقي بنفي التكليف، كما تقدّم توضيحه، و هذا معناه قيام الأمارة
مقام القطع الطريقيّ.
و
لكن هل تفي الأمارة بالقيام مقام القطع الموضوعيّ؟ فيه بحث و خلاف، فلو قال
المولى: كلّ ما قطعت بأنّه خمر فأرقه و قامت الأمارة الحجّة شرعا على أنّ هذا خمر
و لم يحصل القطع بذلك، فهل يترتّب وجوب الإراقة على هذه الأمارة كما يترتّب على
القطع أولا؟ و هنا تفصيل، و هو أنّا تارة نفهم من دليل وجوب إراقة مقطوع الخمريّة
أنّ مقصود هذا الدليل من المقطوع ما قامت حجّة منجّزة على خمريّته و ليس القطع
إلّا كمثال، و اخرى نفهم منه إناطة الحكم بوجوب الإراقة بالقطع بوصفه كاشفا تامّا
لا يشوبه شكّ.