ففي الحالة
الأولى تقوم الأمارة الحجّة مقام القطع الموضوعيّ و يترتّب عليها وجوب الإراقة
لأنّها تحقّق موضوع هذا الوجوب وجدانا و هو الحجّة.
و
في الحالة الثانية لا يكفي مجرّد كون الأمارة حجّة و قيام دليل على حجّيّتها و
وجوب العمل بها لكي تقوم مقام القطع الموضوعي. لأنّ وجوب الإراقة منوط بالقطع بما
هو كاشف تام، و الأمارة و إن أصبحت حجّة و منجّزة لمؤدّاها بجعل الشارع، و لكنّها
ليست كاشفا تامّا على أيّ حال، فلا يترتّب عليها وجوب الإراقة، إلّا إذا ثبت في
دليل الحجّية أو في دليل آخر أنّ المولى أعمل عناية و نزّل الأمارة منزلة الكاشف
التامّ في أحكامه الشرعيّة، كما نزّل الطواف منزلة الصلاة في قوله: الطواف بالبيت
صلاة، و هذه عناية إضافيّة لا يستبطنها مجرّد جعل الحجّية للأمارة. و بهذا صحّ
القول: إنّ دليل حجّية الأمارة بمجرّد افتراضه الحجّية لا يفي لإقامتها مقام القطع
الموضوعيّ.
إثبات
الدليل لجواز الإسناد:
من
المقرّر فقهيّا أنّ إسناد حكم إلى الشارع بدون علم غير جائز، و على هذا الأساس
فإذا قام على الحكم دليل و كان الدليل قطعيّا، فلا شك في جواز إسناد مؤدّاه إلى
الشارع لأنّه إسناد بعلم. و أمّا إذا كان الدليل غير قطعي كما في الأمارة التي قد
جعل الشارع لها الحجّية و أمر باتباعها فهل يجوز هنا إسناد الحكم إلى الشارع؟.
لا
ريب في جواز إسناد نفس الحجّية و الحكم الظاهريّ إلى الشارع لأنّه معلوم وجدانا. و
أمّا الحكم الواقعيّ الذي تحكي عنه الأمارة فقد