فَإِذا
تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، فان ما امر اللّه سبحانه بالاتيان منه هو الوطء
في القبل دون الوطء في الدبر.
و
كلا الاستدلالين قابل للمناقشة.
أمّا
الأول فلأن من المحتمل ان يكون المقصود من قوله تعالى: مِنْ
حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ الإتيان في القبل، و لازم ذلك ان
يكون المراد من قوله تعالى:
فَاعْتَزِلُوا
النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ الأمر باعتزالهن بالجماع في القبل
بقرينة المقابلة، فانها تقتضي ان ما أمر بإتيانه بعد التطهّر هو المأمور باعتزاله
قبل التطهّر.
و
مع التنزل و التسليم بظهور الآية الكريمة بإطلاقها في حرمة الوطء في الدبر فلا بدّ
من تقييده و رفع اليد عنه بالروايات الدالة على جواز وطء الحائض في الدبر[1].
و
أمّا الاستدلال الثاني فهو موقوف على معرفة المراد من جملة مِنْ
حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، فانها مجملة و يحتمل كون المقصود:
من الطريق الذي أمر اللّه سبحانه بسلوكه، و هو طريق النكاح دون السفاح، كما يحتمل
ان يكون المقصود: فأتوهن في الوقت الذي يجوز فيه الجماع، كأن لا يكون وقت إحرام أو
صوم أو اعتكاف.
بل
لو فرضنا ان الآية الكريمة صرّحت هكذا: فأتوهن من القبل فمع ذلك لا يمكن ان تستفاد
حرمة الوطء في الدبر إلّا بناء على ثبوت المفهوم للّقب.
[1] من قبيل صحيحة عبد الملك بن عمرو:« سألت أبا عبد
اللّه عليه السّلام ما لصاحب المرأة الحائض منها؟ فقال: كل شيء ما عدا القبل منها
بعينه». وسائل الشيعة 2: 570، الباب 25 من أبواب الحيض، الحديث 1.