و أشارت
الآية الكريمة إلى مطلب آخر، و هو ان لزوم دفع المهر إلى الأمة ثابت على فرض كون
الوطء عن زواج شرعي، و أمّا إذا كان عن زنا فلا، من دون فرق بين كونه علنيا-
المعبر عنه بالسفاح- أو غير علني من خلال اتّخاذ الخدن، أي الصديق.
و
على هذا يكون التقدير: و آتوهن أجورهن في حال كونهن محصنات- أي عفيفات- غير
مسافحات و لا متّخذات أخدان.
ثم
انه قد يستفاد من تقييد الفتيات بقيد المؤمنات اعتبار الإيمان- بمعنى الإسلام- في
الزوجة و عدم جواز الزواج بالكافرة.
و
المقصود من الإيمان هو الإيمان الظاهري و إلّا فالإيمان الواقعي لا يعلم به إلّا
اللّه سبحانه. و إلى هذا اشير بفقرة: وَ اللَّهُ أَعْلَمُ
بِإِيمانِكُمْ.
و
أكّدت الآية الكريمة في ثناياها حقيقة مهمة، و هي ان الأحرار لا يمتازون عن العبيد
في الحقيقة و لا عند اللّه سبحانه بل المائز عنده هو التقوى. و على هذا فلا ينبغي
التوقّف في الزواج بالأمة باعتبار كونها أمة، فان هذا لا يوجب الامتياز بعد كون
الجميع مخلوقين للّه سبحانه و عبيدا له.
و
يبقى حكم أخير أشارت إليه الآية الكريمة، و هو ان الأمة متى ما كانت محصنة- بمعنى
كونها عفيفة و غير مكرهة على الزنا، كما هي العادة في سيرة الموالي مع الإماء حيث
يكرهونهن على الزنا- و تجاوزت عن خطّ الاستقامة من خلال ارتكابها للزنا فلا بدّ من
إقامة الحدّ عليها بمقدار نصف حدّ الحرّة، أي بمقدار خمسين جلدة. و هذا حكم لا
يرتبط بباب النكاح بل بباب الحدود، و ينبغي التعرّض إلى الآية الكريمة من هذه
الناحية مرّة ثانية في كتاب الحدود.
و
يمكن ان نفهرس مجموع ما استفدناه من الآية الكريمة فيما يلي:
1-
ان زواج الحرّ بالأمة جائز بشرطين: عدم الطول و خوف العنت.