و المقصود
على هذا المعنى الثاني المبالغة و ان الأمّة الإسلامية لا بدّ و ان تتحوّل بأجمعها
إلى أمّة آمرة بالمعروف و ناهية عن المنكر.
ثم
ان المشهور كون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبين عامّين لجميع أفراد
المجتمع المسلم و لا يختصّ بطائفة دون أخرى بل كل فرد يجب عليه ذلك، فان تخصيصه
بطائفة دون أخرى يحتاج إلى دليل بعد عدم توجّه الخطاب في النصوص إلى طائفة معينة.
و بناء على هذا قد يشكل بان ظاهر آيتنا الكريمة المبحوث عنها- بناء على كون كلمة
«من» للتبعيض- اختصاص الوجوب بطائفة و مجموعة من المسلمين و لا يعم جميعهم.
و
من هنا قد يرجّح الاحتمال الثاني.
إلّا
ان الاحتمال المذكور قد يضعّف باعتبار احتمال ان يكون استعمال كلمة «من» على انها
بيانية بالشكل المتقدّم أمرا حادثا في الآونة المتأخرة و ليس معهودا في
الاستعمالات القديمة.
و
لعل الأولى ان يقال: ان كلمة «من» للتبعيض، و إرادة ذلك منها لا يتنافى مع ما هو
المشهور في باب وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، بتقريب ان في الباب
المذكور وجوبين: وجوبا ثابتا على كل فرد فرد بشكل مستقل و وجوبا ثابتا على الجماعة
بما هي جماعة، فالحكومة الإسلامية لا بدّ و ان تؤلّف هيئة متركبة من مجموعة أفراد
باسم ما يعرف بالهيئة الآمرة بالمعروف و الناهية عن المنكر لتزاول ذلك في المجالات
التي يحتاج الموقف فيها إلى جماعة و لا يمكن ان يتصدّى لها كل فرد باستقلاله إمّا
لا ستلزامه الفوضى أو غير ذلك، و هذا لا يتنافى مع استقرار الوجوب على كل فرد
باستقلاله في المجال الذي يمكنه التصدّي فيه باستقلاله.
ثم
انه قد تخطر في الذهن شبهة المعارضة بين النصوص الدالة على وجوب