فهو
تارة ينظر إليه نظرة وحدانية و كأنه شيء واحد لا تعدد فيه، و بلحاظ هذه النظرة
جاء الحديث الشريف عن الإمام الصادق عليه السّلام: «المؤمنون في تبارّهم و تراحمهم
و تعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى تداعى له سائره بالسهر و الحمى»[2]،
و عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا»[3].
و
أخرى ينظر إليه كأفراد يستقل بعضهم عن البعض الآخر، فهذا قد توجّه إليه تكليف
بالصلاة مثلا و ذاك قد توجّه إليه تكليف آخر بالصلاة خاصّ به، و إذا عصى هذا فلا
يتحمّل وزر عصيانه ذاك.
و
تحتاج النظرة الأولى- التي هي ضرورية في حياة المجتمع المسلم و من خلالها يعيش
أفراده التعاون و المحبة و الألفة- إلى وسيلة تقيه من التصدّع و الانحراف و تجعله
أكثر استقامة و صوابا، و تلك الوسيلة هي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و عليه
فالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر هما السياج الحديدي الذي يحفظ المجتمع المسلم
من التصدّع و الانحراف.
ثم
انه وقع الكلام في المراد من كلمة «من» فهل هي تبعيضية أو بيانية؟
و
على الأول يصير المعنى: ليكن من بعضكم أمّة يدعون ... و على الثاني يصير المعنى: و
لتكونوا أمّة تأمرون بالمعروف ... على حد قولك: ليكن لي منك صديق.