و
المعنى على هذا واضح، و هو ان البدن متى ما ذبحت للّه سبحانه فكلوا منها و أطعموا
الفقراء.
و
المشهور بين الفقهاء وجوب تقسيم الهدي إلى ثلاثة أقسام: ثلث لصاحب الهدي، و ثلث
للفقراء، و ثلث لبقية المؤمنين من غير الفقراء. و خالف ذلك ابن إدريس حيث اختار
الاكتفاء بالتقسيم إلى قسمين أحدهما للأكل و الآخر للصدقة و لم يذكر الإهداء[2].
و
قد حاول بعض الأعلام استفادة اعتبار التقسيم الثلاثي من هذه الآية الكريمة بعد
ضمّها إلى الآية المتقدمة فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا
الْبائِسَ الْفَقِيرَ[3]،
بتقريب ان كلتا الآيتين تدل على وجوب أكل صاحب الهدي من هديه، و الآية الأولى دلت
على وجوب إطعام الفقير حيث قالت: وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ
الْفَقِيرَ، و الآية الثانية دلت على وجوب إطعام القانع و المعتر، و هما- القانع
و المعتر- لم يؤخذ في مفهومهما الفقر، فانه لم يثبت ذلك، فالقانع هو من يقنع بما
دفع إليه و لو لم يكن فقيرا، و المعتر هو من يعترض و لو لم يكن فقيرا كالاقرباء و
الجيران.
و
بناء على هذا يثبت وجوب أكل صاحب الهدي من هديه لدلالة كلتا الآيتين عليه و وجوب
التصدّق للآية الأولى و وجوب الإهداء للآية الثانية.
نعم
إذا ثبت أخذ الفقر في القانع و المعتر فلا يلزم التقسيم الثلاثي بل يكفي الثنائي و
ذلك بالأكل و التصدّق كما اختاره ابن ادريس. و لكن حيث لم يثبت
[1] مفردات الراغب: 556. و في مجمع البحرين 3: 400:«
قيل المعترّ: هو الذي يعتريك، أي يلمّ بك و لا يسأل».