ويلاحظ
على الدليل أنّه مبني على المصادرة؛ فإنّه قد فرض فيه وجوب ردّ العين، وأنّ المثل
أو القيمة خلف عنها، ولا يجوز إجبار المالك بأخذهما ووجوب إلزام الضامن بدفع
العين، فإنّ القائل بعدم وجوب دفع العين – كبعض فقهاء الاحناف – لا يقرّون بشيء من
هذه الأحكام، وأنّ هذه الاحكام هي المدّعى والمطلوب اقامة البرهان عليها.
وأمّا أكل
المال بالباطل، فإنّما يلزم ثبوت وجوب دفع العين، ومع شكّ في وجوب دفع العين لا
وجه للاستدلال بقوله سبحانه وتعالى: [وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ][2]
على حرمة امساك العين.
3. يبرأ
الضامن بردّ العين من غير علم المالك بأن يسلّمه إليه بصورة ما، كما إذا وهبها له
أو أطعمها إيّاه، فأكلها، والمالك لا يدري أنّها ملكه ونحو ذلك من التسليم, فمثلاً
لو وهب الضامن الساعة المضمونة للمالك وسلّمه إيّاها وقبلها وتسلّمها بدون أن
يعلم بأنّها المال الذي غصب منه كان الضامن بريئاً، وكذا لو ألبس الضامن من
الألبسة المضمونة للمالك، كان بريئاً، فلو لم يكن هو الواجب الأصلي لما بريء إلاّ إذا
علم، وقبضه عنه، كما في قبض المثل أو القيمة[3].
ومن
الواضح توقّف الدليل على إثبات وجوب أخبار المضمون له فيما لو دفع المثل أو القيمة
عن العين وهو أوّل الكلام، ولو سلّم فهو أجنبي عن محلّ البحث. فلو فرضت كفاية
المثل أو القيمة عن العين مع بقائها، فغاية ما يلزم أن