فلا معارضة بين الأمر بالطبيعة والنهي عن
الفرد وإنما المعارضة ظاهرة صورية يفهمها أهل العرف واللغة ويبني عليها تقيد
الأوامر المطلقة بالنواهي المقيدة المقيّدة وبالعكس لأنّ ذلك مقتضى فهم أهل العرف
واللغة في جميع الخطابات وكلَّ أقسام اللغات وقد تفسّر العبارة على وجه توافق
الظاهر من رائه وهو عدم جواز اجتماع الرجحان والمرجوحية بأن يراد أن مرجوحية
الطبيعة لا تستلزم مرجوحية إفرادها كلها بل قد يكون بعض أفرادها راجحاً فقط، وليس
فيه من المرجوحية شيء وكذلك رجحانيتها لا تستلزم رجحانية أفرادها كلها بل قد يكون
بعض أفرادها مرجوحاً فقط فعلى هذا لا معارضة في العام والخاص المطلقين عقليّة ولا
اجتماع فيها للراجحة والمرجوحية بل معارضة صورية تذهب بحمل أحدهما على الآخر، لكن
قوله أو لزوم الاستحالة وما بعده يقضي بجواز اجتماع الحكمين المتضادين في غيرها
بين الصورتين.
تحقيق المسألة
والحق في هذه المسئلة أن يقال أنَّ اجتماع الراجحية والمرجوحية
المبتنية على جهتي الحسن والقبح يجوز اجتماعها في شخصي من جهتين مقيدتين وتعليلتين
وأما الحكم التابع للجهة وكذلك الخطاب التابع للحكم فلا بأس بأجتماع حكمين من
الاحكام وخطابين كذلك في موضوع واحد شخصي لجهتين تعليلتين او تقيدتين او تعليلية
وتقيدية أصالتين أو تابعتين أو أصالية وتابعية إذا تغايرت فصولهما واتحدت
أجناسهما.
وأما إذا تغايرت أجناسهما فلا يجوز سواءً كانت تعليلتين أو تقيدتين
أو مختلفتين وخيال بعض المتأخرين أنَّ الفرد في الجهتين التقيدتين مطلوب من باب
المقدمة ويجزي من باب المقدمة الفرد المحرم عن المحلل وغير المقدور عن المقدور
فالفرد المنهي عنه يسقط الأمر عنده وإن لم يكن مأموراً به باطل لأنَّ الكلي
المأمور به تفرّع أفراده من المحلل لا مِنْ ما هو أعم كأفراد غسل الثياب وأفراد
قطع المسافة للحج وسقوط الطلب عند الفرد يحتاج إلى دليل، وليس لأن الشيء في
مختلفي الجنس وهو ما كان جنسه الأذن وما كان جنسه المنع لا يتبع بخطابه جهة
المرجوحية والراجحية