سلطانهم لمصلحة غيبية هم (ع) أعرف بها
وبسرها لذا أوْمى وأوْعز (لمثل صالح)[1] من ذويه
المستجمع عند الجمهور لصفات الزعامة والأمامة وعهد اليه وعاهده، وهذا معنى قوله
(ع): (
لو ظفر لوفى، انه لو ملك عرف كيف يصنعها
). فأظهر الدعوة وأظهر الأمام البراءة منه لئلا يكون به مسؤولًا
وبفعله موآخذاً، فدعوته ومشاهده ومعاركه كلها تنتهي بالسر (والعلن)[2] للامام وإنْ أظهر هو البراءة من
أفعاله وخروجه لمن لا يستودع السر فما ورد من ذلك في حقه غير ما ذكر فهو محمول على
ذلك وقول الى ما هنالك.
واذا نظرنا نظرة تدبر وروية واستقرينا حوادث التاريخ وجدنا أنَّ
الدعوة اذا لم (ينفذها)[3] الأغيار
ولم يقم بها المنتمون لها والانصار فليس منها نجاح ولا سداد، والدعوة الهاشمية
والعقيدة الفاطمية طواها جبابرة الأمويين واستأصلوا شأفتها لولا اللطف الألهي
والعهد النبوي الذي عهد به الى الائمة الاطهار (ع) والعصابة من آلهم الابرار،
فأقتسموا أعباء الدعوة الأمامية واثقالها، فالأئمة الأطهار (ع) هم اولئك الذين
عليهم نشر الأحكام وتميز الحلال والحرام، وهم مواضع غيب الله وحججه وحفظة سره
والأمناء على وحيه وعلى عصابتهم البررة معاقد الوية الهدى وليوث الشرى الصناديد
(اللّبهم الى)[4] الكفاح،
والجلاد حتى يؤوب الحق الى نصابه ويرجع الفيء الى اعقابه من دون ان تظهر الصلات
والوشائك، فهذا في نشر الدعوة ونجاحها آثر، ولو انَّ الأمام بنفسه تولى الأمر
لخشي- والعياذ بالله- أن يطفئ السراج في مصباحه، وينفتح باب الشك لمرضى القلوب،
وفي محاورة يحيى بن زيد بن علي (ع) مع المتوكل بن هارون الثقفي المروية في سند
الصحيفة السجادية