و ذكر أن عمر بن الخطاب أراد أن يصنع النقود من الجلود، فلما استشار
ذوي الخبرة، لم يقروه على رأيه فأمسك[2].
إذن فقد عين الإسلام الوحدات النقدية التي يعبر بها المجتمع عن تقدير
القيم للأشياء و الجهود تعييناً ثابتاً، و التي يتم مبادلتها بالسلع في جنس معين
هو الذهب و الفضة، لذلك تعدّ النقود من الأشياء التي جاء الإسلام بحكمها، و ليست
من الأشياء التي تدخل في الرأي و المشورة، فالنقود من حيث كونها وحدة نقدية، و من
حيث جنسها ثابتة بحكم شرعي ترتبط بها الأحكام الشرعية. فالذهب و الفضة خصا بالذكر
في تحريم كنزهما، لأنهما قانون التمول و أثمان الأشياء[3]،
و وجوب الزكاة فيهما، و جعل أحكام الصرف لهما. و إقرار الرسول التعامل بهما و ربط
الدية و قطع يد السارق فيهما، كان ذلك دليلًا واضحاً على أن النقد يجب أن يكون من
الذهب و الفضة، أو أساسه الذهب و الفضة. و قد تكلم مفكرو الإسلام عن أنواع النقود
و أوزانها الشرعية و سكتها[4]
[1] د. متولي. أبو بكر عمر و الدكتور إسماعيل
شحاتة، اقتصاديات النقود في إطار الفكر الإسلامي، الطبعة الأولى، دار التوفيق
النموذجية، 1403 ه- 1983 م، ص 64
[2] البلاذري. أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر
البغدادي، فتوح البلدان، شركة طبع الكتب العربية، طبع شركة المصرية للطباعة، مصر،
1318 ه، ص 476.
أيضاً: د. جواد علي، المفصل في
تاريخ العرب قبل الإسلام، الطبعة الثانية، دار العلم للملايين، بيروت، الناشر
مكتبة النهضة، بغداد، 1978 م، 7/ 497
[3] النسفي. أبو بركات عبد الله بن أحمد بن محمود
النسفي، تفسير النسفي، الناشر دار الكتاب العربي، بيروت، 2/ 125
[4] ابن سلام. أبو عبيد القاسم( ت: 224 ه)،
الأموال، صححه محمد حامد الفقي، المكتبة التجارية الكبرى، مطبعة عبد اللطيف
الحجازي، القاهرة، 1353 ه، ص 524.
أيضاً: الماوردي. أبو الحسن علي
بن محمد بن حبيب البصري البغدادي( ت: 450 ه)، الأحكام السلطانية و الولايات
الدينية، الطبعة الأولى، مكتبة مصطفى الحلبي و أولاده، مصر، 1380 ه- 1960 م، ص
120.
أيضاً: المناوي. محمد عبد الرءوف
بن تاج العارفين بن علي( ت: 1031 ه)، النقود و المكاييل و الموازين، تحقيق الدكتور
رجاء محمود السامرائي، منشورات وزارة الثقافة و الإعلام، الجمهورية العراقية،
سلسلة كتب التراث( 107)، 1981 م، ص 125.
أيضاً: محمد سلامة جبر، أحكام
النقود في الشريعة الإسلامية، كويت، ص 20