و يقول النيسابوري[1]: (و إنما
كان الذهب و الفضة محبوبين لأنهما جعلا ثمن جميع الأشياء، فمالكها كالمالك لجميع
الأشياء).
و من هذا الاستعراض يشير المعنى اللغوي للذهب و الفضة إلى صفة أساسية
في وظيفتهما النقدية و هي سرعة الحركة و الإنفاق و عدم الركود، كما يشير الفكر الاقتصادي
للفقهاء إلى أن النقدين من الذهب و الفضة يؤديان وظيفة الثمنية، و هي معدة بأصل
الخلقة لأن تكون ثمناً في هذا الكون، أي بهما تحدد الأشياء و أنهما أداة للتبادل.
قال المقريزي[2]: (و لا
يعلم في خبر صحيح و لا سقيم عن أمة من الأمم، و لا طائفة من طوائف البشر أنهم
اتخذوا أبداً في قديم الزمان، و لا حديثه نقداً غيرهما الذهب و الفضة و أن النقود
المعتبرة شرعاً و عقلًا و عادة إنما هي الذهب و الفضة فقط، و ما عداهما لا يصلح أن
يكون نقداً، حتى قيل أن أول من ضرب الدينار و الدرهم آدم (عليه السلام)، و قال:
(لا تصلح المعيشة إلا بهما).
فالذهب و الفضة هما النقد عند المقريزي و هما عنده مسميات مترادفة
لمسمى واحد.
لقد قام النظام النقدي الإسلامي على أساس أن كل من المسكوكات الذهبية
و الفضية الدنانير و الدراهم نقوداً رئيسة لها قوة ابراء غير محدودة في داخل
الدولة الإسلامية و خارجها، و ذلك لا يمنع أن بعض أجزاء الدولة الإسلامية كمصر
كانت نقودها الرئيسية مسكوكات من معدن واحد هو الذهب و بعض الأجزاء الأخرى كالعراق
نقودها الرئيسة مسكوكات من معدن واحد آخر هو الفضة. أي أن الدولة الإسلامية كانت
تسير في جملتها على نظام
[2] تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي بن عبد
القادر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن تميم الشافعي( ت: 845 ه)، شذور العقود في
ذكر النقود، الناشر المكتبة الرضوية، المطبعة الحيدرية، النجف، ص 67