و الدكتور محمد البهي، قد اثبت إباحة الربا
لضرورة الأمة. فقد قال[1]: (فإذا
كانت هنالك ضرورة أشد أثراً في حياة أحد المتعاقدين من الضرر المترتب على فقدان
التكافؤ ج (التكافؤ في العقود)- حلّ البيع و أصبح العقد صحيحاً في أجناس الربا،
عندئذ فقد سلم من الإثم دون تفويت المقصد الشرعي منه، و هو رفع الضرر). ثمّ يكمل
(إذا توفر (الرضا النفسي) في المعاملة و تأكدت مصلحة الطرفين فيها، في وقت يدعو
إلى ترقب هذه المصلحة و الاطمئنان عليها، و شاع أمر هذه المصلحة بحيث لم يعد من
وجهة نظر الطرفين وحدها، بل أصبح بداهة و ضرورة في الأمة).
و ممن سوغ الفائدة استناداً إلى الضرورة الأستاذ مصطفى الزرقا إذ
قال[2]: (و
المعاملات التجارية اليوم كلُّها على أساس الفائدة التي هي ربا جزئي تحدد نسبته
القوانين- فتطبيق النظرية الإسلامية في تحريم الربا يتنافى مع ذلك ظاهراً. و
الجواب أن هذه المشكلة يمكن حلّها في مبادئ الشريعة بطرائق كثيرة: أما الاستناد
إلى قاعدة التدابير الاستئنافية الموقوتة- إلى أن يقام في المجتمع الإسلامي نظام
اقتصادي متجانس يغني الناس عن الالتجاء إلى الفائدة .....) إلى آخر ما قال.
و للإجابة عن هذه الشبهة أقول: إنه لا اعتراض على الضرورة القائمة
على الحكم الشرعي بوصفها عنوانا ثانويا إذا تحققت. و لكن الاعتراض على الضرورة
نفسها التي تارة تكون للفرد و أخرى للامة.
أ- ضرورة الفرد:
[1] نظام التأمين في هدى أحكام الإسلام و ضرورات
المجتمع المعاصر، الطبعة الأولى، الناشر مكتبة وهبة، مطبعة مخيمر، 1385 ه 1965 م،
ص 20- 27
[2] فتحي عثمان، الفكر الإسلامي و التطور، مصدر
سابق، ص 39. نقلا عن بحث بعنوان، الشرع بوجه عام و الشريعة الإسلامية و حقوق
الأسرة فيها، من كتاب الثقافة الإسلامية و الحياة المعاصرة، مجموعة البحوث التي
قدمت لمؤتمر جامعة برنستون، طبعة مؤسسة فرنكلين، بالاشتراك مع مكتبة النهضة، ص
158- 160