و قد صرح بذلك بعض الفقهاء فقالوا: (يجوز للمحتاج الاستقراض بالربح،
و إذا كان للأفراد ضرورة أو حاجة تبيح لهم هذه المعاملة، و كان تقديرها مما يرجع
إليهم، و هم مؤمنون بصيرون بدينهم، فان للأمة أيضا ضرورة أو حاجة، كثيرا ما تدعو
إلى الاقتراض بالربح، أ إلى أن يقول: و هذا يعطي الأمة في شخص هيئاتها و أفرادها
هذا الحق، و يبيح لها ما دمت مواردها في قلة أن تقترض بالربح، تحقيقا لتلك
المصالح، التي بها قيام الأمة و حفظ كيانها). و يكمل (غير أني أرى أن يكون تقدير
الحاجة و المصلحة مما يؤخذ عن (أولي الرأي) من المؤمنين القانونيين و الاقتصاديين
و الشرعيين، و يكون ذلك في ناحيتين: ناحية تقدير الحاجة، و ناحية تقدير الأرباح و
اختيار مصادر القروض، فلا يكون قرضاً إلا حيث تكون الحاجة حقيقية، و لا يكون قرضاً
إلا بالقدر المحتاج إليه، و تدفع إليه الضرورة و الحاجة و لا يكون قرضاً إلا من
جهة لا تضمر استغلالنا و استعمارنا).
و تطرق الشيخ محمد رشيد رضا في بحثه الذي ألقاه في نادي دار العلوم
بالقاهرة حين نظم محاضرات لعلاج موضوع الربا- إلى تحديد الضرورة المبيحة للأمة اكل
الربا قال[2]: (و أما
تحديد ضرورة الأمة أو حاجتها فعندي أنه يرد مثل هذا الأمر إلى أولى الأمر من الأمة
أي أصحاب الرأي و الشأن فيها و العلم بمصالحها و هم كبار العلماء من المدرسين و
القضاة و رجال الشورى و المهندسين و الأطباء و كبار المزارعين، و يتشاورون بينهم
في المسألة ثمّ يكون العمل بما يقررون أنه قد مست إليه الضرورة و ألجأت إليه حاجة
الأمة.