أعرض على حضراتكم حالة عامة في مجتمعنا،
تحتاج إلى حل سريع، ذلك أن المسلمين كلما سمعوا أن الفائدة حرام مطلقاً، و هم في
حاجة إليها في بعض الظروف، اضطربت مشاعرهم، و تنازعتهم عوامل مختلفة، ما بين مجتمع
غلب عليه الشح و بين حاجة ملحة، و يخشى إذا ترك هؤلاء على ما هم عليه، أن يتدخل
الشيطان، لنصرة الهواجس التي بين جوانحهم، فيضجرون من الإسلام، و تكون العاقبة
وخيمة فهل عندكم حل لهذه الحالة و لو موقتاً؟ و الرسول يقول: (لا تعينوا الشيطان
على أخيكم)[1].
و الدكتور عبد المنعم النمر أثبت حالة الضرورة و الحال التي تنزل عند
الفقهاء منزلة الضرورة لأمة للاقتراض بفائدة، و أوضح أن يقدر حالة الضرورة أو
حاجتها متخصصون يبنون حكمهم على هذا الأساس[2].
إن إباحة المحظور للضرورة لها أحكامها، و لا يصح أن نعممها على كل الحالات التي
يظن أنها ضرورة و هي ليست كذلك. و إذا كانت هنالك ضرورة حقة اقتضت فإن الإثم في
هذه الحال على المقرض وحده دون غيره[3].
و هنالك شروط لا بد أن تتحقق في المقترض حتى يصدق عليه وصف الاضطرار
و هي[4]:
1- أن تكون هنالك ضرورة حتمية لا مجرد التوسع في الأمور الكمالية
التي يمكن الاستغناء عنها.
2- أن يقتصر المقترض على قدر الضرورة فقط، فالقاعدة الفقهية تقول:
[1] د. النمر. عبد المنعم، الاجتهاد، مصدر سابق، ص
357- 358
[3] د. بابللي. محمود، هل المصارف ضرورة لا بد
منها في الاقتصاد الإسلامي؟ مجلة رابطة العالم الإسلامي، العدد العاشر، السنة
الثامنة، مكة المكرمة، ذو الحجة( 1390 ه)- شباط( 1971 م)، ص 25
[4] د. طنطاوي. محمود محمد، القروض المصرفية في
ضوء الشريعة الإسلامية، ندوة الاقتصاد الاسلامي، المنظمة العربية للتربية و
الثقافة و العلوم، معهد البحوث و الدراسات العربية، بغداد، ص 226